لقد عدت.. بينما كنت أفتش على دفتر قديم. كتبت عليه مذكرات طفولتي السعيدة.. وقع بين يدي صورة قديمة، التقطناها بين أشجار الزيتون.. تناولتها، وتمعنت بها، وجدتها شاحبة، كأنها تريد مني أن أبث فيها الحياة.. رفعتها نحو الضوء، حتى أراها بشكل واضح.. فقد كان الوقت المساء، والشمس غابت وراء الجبال.. وبذلك الوقت كنت وحدي بالبيت، لا صوت سوى زمجرة الرياح.. وطير يقف على الشباك.. نظرت حولي، الصمت مرعب، الوحدة قاتلة، لكن تلك الذكريات التي عادت، مثل عودة نيسان.. أعادت لشرايني الحياة، تنفست الصعداء.. فقد تذكرت تلك الرسالة التي وصلتني منك قبل عام بالتحديد، مثل هذا اليوم، بينما كانت عقارب الساعة تشير الى الثالثة عصراً. جاء موزع البريد وبين يديه رسائل عديدة، ناولني عدة رسائل، لكن الذي لفت نظري غلاف ملون أحمر وأزرق.. وبسرعة عالجت المغلف حتى أخرجت الرسالة منه.. ياه لقد اشتقت لكلماتك لتلك الرسائل التي فيها من عطرك.. اشتتمت عطرك من خلالها.. قرأتها بسرعة بروية، لم أعد أستطيع السيطرة على اعصابي، فقد اشتقت لعناق منك، اشتقت لهمساتك، قرأت الرسالة مرة ومرتين ولم أشبع منها.. وضعتها داخل الجيب من جهة اليسار. شعرت بتلك اللحظة بالدفء يسري بجسدي النحيل.. بتلك اللحظة وجدت نفسي أذهب حيث الدرج، أخرجت منه الرسالة، ما زال عطرك عليها.. تلقفتها بيدي.. مثل أم تتلقف وليدها.. قرأتها بشغف، دون أن ادري وجدت دموعي تنهمر من عيوني، مشاعري اختلطت علي.. فجأة سمعت طرقاً على الباب، ذهب حتى أرى من هناك، وبيديك عانقتني، نعم لقد عدت. وعادت لروحي الحياة... حبيبي أهلا بعودتك....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق