الاثنين، 25 مايو 2020

أَعْمَاقُ أُُغْنِيَتِي ..بقلم..Imededdine Tounsi

                       
                                      
                                أَعْمَاقُ أُُغْنِيَتِي
تُمْطِرُ..كَقَلْبٍ يَبْكِيها..زَخَّةً زَخَّةً..يُحَاوِرُ آلَامَهُ لِتُرْخِيهِ
فَمِا اِسْتَرْخَى.
كَطِفْلٍ..أَلْبَسَهُ عُمُرُ الْحَيَاةِ..قِصَّةً تُشْبِهُنَا.
أََمَّا وَقَدْ صِرْنَا..أَمَّا وَ قَدْ كَبِرْنَا..كَيْفَ لِقِصَّةٍ..أَنْ تَتَنَبَّأَنَا
كَلُعْبَةٍ تَتَمَنَّى..كَدُمْيَةٍ تَتَغَنَّى..كَشَوْقٍ..لَمْ يَزلْ يَرتَشِفُ الرُّوحَ عَلَى مَهَلٍ..كَأَمَلٍ.. لَا يَنْتَابَهُ الْمَلَلُ.
كَحُبٍ..كَحَرْبٍ..كَحُزنٍ لاَ يَذُوبُ..كَذِكْرَى لاَ تَتُوبُ..كَهَمْسٍ
يُقْبِلُ وَ لَا يُدْبِرُ.
تُمْطِرُ..كَطِفْلٍ يَخَافُ..تَائِهٌ..بَيْنَ حُضْنٍ وَ لِحَافٌ.
حُزْنًا..فَرَحًا..لِيلْعَبَ..لِيَتْعَبَ.
يُوَاسِي..عُقْمَ الْمَآسِي.
وَبَيْنَ الزَّخَاتِ..يُخَبِّئُهَا..يُغَذِّيهَا..يَعْتَنِي بِهَا..وَلاَ يَعِفُّ..وَلاَ يَكِفُّ..عَنْ صَيْدِ حَبَّاتِ ثِغْرِهَا..عَنْ كَفَالَةِ..صِغار غيْماتها.
بَلْ يُضَيِّفُهَا..فِي حُضْنِهِ..يَرْقُصُ مَعَهَا
يُدَنْدِنُ لَهَا..أَغَانٍ فَيْرُوزِيَّةٍ..كَلِمَاتُهَا..مِنْ شِتَاءٍ..أَلْحَانُنَا..مِنْ رِثَاءٍ
تُمْطِرُ..كَطِفْلٍ..يَرْكُضُ خَلْفَ النَّدَى
لِيَطْبُخَ..مِنَ السَّرَابِ..طَبَقًا مِنْ مَطَرٍ..مِنْ تُرَابٍ..لِيَلْقَاهَا..فِي دَاخِلِهِ..رَغْمَ الْعَذَابِ..وَ عَلَى هَذِهِ الْأَرْضُ يَا طِفْلَتِي..لَمْ يَتْرُكُوا رُوحًا مِثْلَكِ تَلْعَبُ..بَلْ لَطَالَمَا غَسَّلُوهَا بِالتَّعَبِ..لِهَذَا كُنْتُ أَهْرُبُ
كُنْتُ أَتَعرَّى..مِنْ ثَوْبِ الْكُهُولَةِ..لِأَعُودَ لِبَيْتِ الطُّفُولَةِ.
كُنْتُ أُمَارِسُ..طُقُوسَ البَّرَاءَةِ..أُُعِيدُ رَسْمَ..أَحْرُفَ الْقِرَاءَةِ..وَلَوْ عَبَثًا.
هُوَ الشِّتَاءُ..عَادَ مِنْ جَدِيدٍ..يَمْلَؤُنِي غَرَقَا..فَأَجُوبُهُ..رِفْقَةً بِالْأَمْسِ
أُعَانِقُهُ..بِقَلْبِ..شَاعِرٍ..لَمْ تَتَبَقَّى مِنْهُ..إِلّاَ الْمَشَاعِرُ.
تُمْطِرُ..وَ حِينَ كَبُرْنَا..كَالَأَحْلَامِ..كَبِرْكَةٍ..لَقَّحَهَا السَّحَابُ..دَهْشَةً وَضَبَابُ..كَذَاكَ الْمَناَمُ الْذِّي..مَا فَتِئَ يُعَانِقُ الْحَمَامَ..كَأُنْشُودَةِ السَّلَامِ..تَلَاشَتْ بِحَسْرَةِ الكَلاَمِ..فِي حَضْرَةِ الْمِحَنِ..كَمُوَاطِنٍ فِي عَيْنِ وَطَنٍ.
كَبُرْنَا..كَكِتَابٍ..عَفَا عَلَيْهِ الزَّمَنُ..لَمْ يَزَلْ فِينَا شَابًا..نَسْقِيهِ بِالْأَمَلِ شَرَابًا..نُطْعِمُهُ النَّفْسَ وَ الْبَدَنَ..يَتَمَايَلُ بَيْنَ الْوَرَى..نَشْوَانَ..يَجْهَلُ مَا جَرَى..وَكُلٌّ فِينَا..يَجْرِي..يَسْبَحُ..كَمِعْطَفِ كَهْل.. فِي طِفْلٍ يَجْهَلُ مَا يَفعَلُ..فِي أَضيَقِ سَهْلٍ..كَبُرْنَا..كَجُرْحٍ اِسْتَفْحَلَ.
تُمْطِرُ..وَ لَا تَزَالُ فِي الْخَاطِرِ أُغْنِيَةٌ..وَ لَحْنُ نَعَمْ..وَ هَذَا الْقَلَمْ
لَمْ يَعُدْ يَكْتُبُ..قَصَائِدًا بَرِيئَةً..تَتَنَقَّلُ بَيْنَ عِشْقِ نُسَيْمَاتِ الرِّيفِ وَحُبِّ الْوَطَنِ..وَ سِحْرِ الطَّبِيعَةِ..فَقَدْ جَنَّدُوهُ..وَ قَدْ جَرَّعُوهُ الْكَرَبَ.
لَكَنْ..أَتُراَنَا مَسَحْنَا فِعْلًا..بِمِنْشَفَةِ الْحُرُوفِ..دُمُوعًا سَالَتْ..عَلَى الْخُدُودِ..أَتُرَانَا أَقَمْنَا بِهَا..قُلُوبًا مَالَتْ..أَتُرَانَا شَحَنَّا بِهَا..أَنْفَاسُ مَنْ نَهْوَى..أَمْ هُنَاكَ مَنْ..سَقَطَ مِنَّا سَهْوًا.
كَبُرْنَا يَا عُمْرِي..أَجَلْ..وَ لَا أَزَالُ مُشْتَاقًا..ِلأُغْنِيَةٍ..أَخْطُفُ مَعَهَا شَيْئُا..مِنْ أَحْلَامِي.
تُمْطِرُ..كَطِفْلٍ فِينَا يُثَرْثِرُ..تُغْرِيهِ قِطْعَةُ سُكَّرٍ..تُحَرِّكُ وِجْدَانَهُ أُغْنِيًةٌ..يَبْتَسِمُ لِأُمْنِيَةٍ..طِفْلٌ فِينَا..يَرْتَكِبُ الْحَمَاقَاتَ..يَتَحَدَّثُ بِعَفْوِيَّةٍ..تُغْرِيهِ هَدِيَّةٌ..طِفْلٌ..يَسْتَجِيبُ لِطَرَقَاتِ الْبَابِ..يَقْفِزُ مِنْ سُورِ الشَّبَابِ..يُفَاجِئُنَا بِخُرُوجِهِ..فِي أَوَّلِ مُصَادَفَةٍ..لِلْحُزْنِ لِلْفَرَحِ..وَ لِلْجَمَالِ..يَتَعَلًّقُ بِسُرْعَةٍ..يُجْهِضُ عَلَى الْمَلَإِ دَمْعَةً
يَجْذُبُهُ الْخُرُوجُ فِي مِشْوَارٍ..يَمِيلُ لِلَّعِبِ بِالْجِوَارِ.
تُمْطِرُ..إِيْ وَ الْلَّهِ..وَ لَا تَزَالُ فِي الْخَاطِرِ أُغْنِيَةٌ..تَأْخُذُنِي مِنِّي لِنَفْسِي..تَحْمِلُنِي..تُسْعِفُنِي..تُنْقِذُنِي..وَ لَوْ ِللَحَظَاتٍ..مِنْ قَبْضَةِ الدُّنْيَا وَ مَا فِيهَا..تُنْسِينِي مَآسِيهَا.
تُرْسِلُنِي..دُونَ جَوَازِ سَفَرٍ..مِنَ الْجَنُوبِ إِلَى الشَّمَالِ..تَرْفَعُنِي لِقِبْلَةِ الْقَمَرِ..تَُلمْلِمُ..مَا اِنْدَثَرَ مِنَ الْآمَالِ..تُطْلِقُ..سَرَاحَ الضَّحَكَاتِ تُعِيدُ..تَرْتِيبَ الْأُمْنِيَاتِ..تَفْتَحُ..شَبَابِيكَ الْجَارِ..تَنْفُضُ..مَا عَلَقَ فِيهَا مِنْ غُبَارٍ..تَلْفَظُ..تَرَسُّبَاتِ نَشْرَةَ الْأَخْبَارِ..تُنْسِينِي..عَالَمَ الْكِبَارِ..فَقَطْ..لِأًسْمَعَكَ تُرَتِّلُ..أَعْمَاقَ أُغْنِيَتِي.

عماد الدين التونسي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق