الثلاثاء، 18 سبتمبر 2018

ومن هي المرأة يا باسم ؟بقلم...محمد دحروج‏



ومن هي المرأة يا باسم ؟
رسـائلـي إلـى أديب جامعة قسنطينة
3
صديقِي الحبيب .. أكتُبُ إليكَ وأنا مُنقبضٌ غاضبٌ في صَمْتٍ رافضٌ لكُلِّ شَيءٍ وإن كُنتُ أبتسمُ أحيانًا ، لا أُحبُّ أن أذكُرَ ما جرَى ولا أُريدُ أن أُعرِّجَ عليهِ ، لا أفهمُ من هذه الرِّسالةِ التِي تجيءُ إليكَ بهذا الصَّباحِ سوى أننِي أشتهي صرخةً من أعماقِ رُوحي لأُطهِّرَ جسدَ المحنةِ من رِجْسِ المَللِ الذي قد أحاطَ بي .
أتعلمُ يا باسِم أنَّ أعظمَ حالاتِي هيَ هُرُوبي إلَى النَّومِ لساعاتٍ طويلةٍ جدًّا ، ولولا أنني مُجبرٌ على العملِ لَمَا رآنِي وجهٌ ولا سمعتنِي أُذنٌ ولا خاطبنِي لسانٌ فلقد جرَّبتُ كُلَّ شَيءٍ حتَّى عُدتُ من رحلةِ الأيامِ لا أُريدُ غيرَ النِّسيانِ ، ولذا فالنَّومُ هو الطَّقسُ الأظهرُ في عامِي هذا .
حينما أرسلتُ إليكَ كلمةً في الصَّباحِ كُنتُ أكتُبُها وأنا مُؤمنٌ بها لا أجدُ بصددها شكًّا ولا حَيْرَة ؛ وما زلتُ أقُولُ : نحنُ طبقةٌ من رجالِ الأدبِ لا تصلُحُ للزَّواجِ وإنمَّا تصلُحُ للشُّهرةِ والعِشقِ ودرامَا الحياةِ التِي لا تعرفُ الزوجةَ ولا الأطفالَ ، وليسَ هذا من عيبٍ فينا ، وإنمَّا هي الأقدارُ شاءت ما شاءت ، وليسَ لنا إلاَّ أن نُسلِّمَ ، وما تسليمُنا إلاَّ لأننا نفهم أنفُسنا ونفهم هذه الذات الإنسانيَّةَ التي تتقلَّبُ على الجَمْرِ في كُلِّ حينٍ وفي كلِّ آنٍ . 
أتعلمُ يا باسِم أننِي لا أستطيعُ أن أتحمَّلَ فكرةَ وجودِ زوجةٍ في حياتِي تحُولُ بيني وبين مراسمِ الشُّهرةِ ، اللهُمَّ إلاَّ إن تركتُ الأدبَ وعُدتُ إلَى التراث الذي بدأتُ به قصتي مع العلمِ يوم بدأتُ،ولا أظنُّ أنَّ ذلكَ يكُونُ،وَأنا لن أُضحِّي بأُسطُورتِي الأدبيَّة من أجل امرأةٍ تضعُ تاريخي تحت أقدامها ثم تحسبُ أنها أعظم هديَّةٍ وهبتني إيـَّاها السَّماءُ ، ومَن هي هذه التِي تستحقُّ أن تحترقَ أعصابي مِن أجلها،ومن هي المرأةُ كانت من كانت إذا ما قُورنت بكفاحِي الذي ركعت لهُ الأشياءُ وعجزت أمامه الحكايات ؟ ، أتزعمُ يا باسِم أننِي قد أتواضعُ أمامَ امرأةٍ تحسبُ بغبائها أنها فوقَ تاريخٍ مُضيءٍ صنعتُهُ بدمي قبل قلمِي .
لا، لا تُعط قلبكَ لامرأةٍ،فالإخلاصُ لا يصحُّ أن يكُونَ إلاَّ لأنفُسنا،فمن الجهلِ أن ترفعَ امرأةً بإخلاصكَ لها وهي لن تُخلصَ إلاَّ لنفسها .
نحنُ لا نعرفُ العشقَ يا صديقي ... لأننا مهما اقتربنا منهُ فهو بعيد ، لأنَّ هذا هُوَ قدرُنا،ولهُ يجبُ أن نُسلِّم،فإن لم نفعل فهو الخسَارُ الذي يحيقُ بمن أعطى عقلهُ للأوهام !


المُخلص 
محمد محمود دحـرُوج 
15 / 9 / 2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق